تم النسخ!
صورة تكشف جديد سد النهضة.. التوربينات تعمل والمياه تتدفق إلى مصر
في تطور جديد بملف سد النهضة الذي يحظى بمتابعة دقيقة على كافة المستويات في مصر، كشفت صور حديثة للأقمار الصناعية عن مستجدات هامة في آلية عمل السد الإثيوبي. وأوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية البارز، أن هذه الصور تظهر تشغيلا لبعض التوربينات العلوية في السد، وهو ما يمثل تغيرا في الحالة التشغيلية التي استمرت لأشهر. ويأتي هذا في وقت يتدفق فيه نحو 350 مليون متر مكعب من المياه يوميا من سد مروي بالسودان باتجاه بحيرة السد العالي. من واقع خبرتنا الطويلة في تحليل هذا الملف الشائك، فإن كل تغيير في أنماط تشغيل سد النهضة، مهما كان طفيفا، يتم رصده وتحليله بعناية فائقة لما له من انعكاسات مباشرة على إدارة الموارد المائية المصرية.
تحليل شخصي: نرى أن التشغيل الجزئي للتوربينات العلوية مع استمرار توقف التوربينات السفلية قد يكون مؤشرا على وجود تحديات فنية تواجه الجانب الإثيوبي في الوصول إلى القدرة التشغيلية الكاملة للسد. هذا الوضع، وإن كان يسمح حاليا بمرور تدفقات مائية مستقرة، إلا أنه يظل وضعا مؤقتا وغير واضح المعالم على المدى الطويل، مما يستدعي استمرار اليقظة المصرية التامة وعدم الاعتماد على استمراره، والاستعداد لكافة السيناريوهات المحتملة.
![]() |
| صورة بالأقمار الصناعية توضح تشغيل توربينات بسد النهضة وتدفق المياه في مجرى النيل الأزرق |
قراءة في صور الأقمار الصناعية: تشغيل جزئي
أكد الدكتور عباس شراقي في تحليله الأخير أن صور الأقمار الصناعية بتاريخ 20 نوفمبر 2025 كشفت عن تشغيل بعض التوربينات العلوية في سد النهضة، وذلك بعد أكثر من شهرين على افتتاحها الرسمي. وأشار إلى أن هذا التشغيل يأتي في وقت لا تزال فيه التوربينات السفلية (توربيني الإنتاج المبكر) متوقفة تماما عن العمل منذ منتصف يوليو الماضي. [1]
هذا الوضع التشغيلي المزدوج يثير تساؤلات حول الكفاءة الفعلية للسد وقدرته على توليد الكهرباء بالصورة التي أعلنتها أديس أبابا. فالتوربينات العلوية تعمل عند مناسيب مياه مرتفعة في البحيرة، بينما التوربينات السفلية مصممة للعمل عند مناسيب أقل، وتوقفها قد يشير إلى قرار إثيوبي بالحفاظ على منسوب مرتفع في البحيرة أو وجود مشاكل فنية.
| المكون | الحالة التشغيلية الحالية (نوفمبر 2025) |
|---|---|
| التوربينات العلوية | تشغيل جزئي لبعضها |
| التوربينات السفلية | متوقفة تمامًا منذ منتصف يوليو الماضي |
| التدفق من السد | مستمر ومتجه نحو السودان ومصر |
تدفقات المياه نحو مصر ووضع السد العالي
بالتزامن مع هذه التطورات في إثيوبيا، فإن الوضع المائي في السودان ومصر يبدو مستقرا في الوقت الحالي. يبلغ المنصرف اليومي من سد مروي في السودان حوالي 350 مليون متر مكعب، وهذا التدفق يتجه مباشرة نحو بحيرة ناصر خلف السد العالي في مصر. [2]
وهذا يشبه عمل نظام الأوعية المستطرقة في الفيزياء، حيث تنتقل المياه من الخزان الأعلى (سد النهضة وسد مروي) إلى الخزان الأدنى (السد العالي). وتكمن حكمة الإدارة المصرية للمياه في قدرتها على التعامل مع هذا "الوعاء" الأخير بكفاءة فائقة، وضبط الصمامات (بوابات السد العالي) لتلبية الاحتياجات بدقة متناهية، سواء في أوقات الوفرة أو الندرة.
وأكد الدكتور شراقي أن السد العالي يعمل بكفاءة عالية سواء في تخزين هذه المياه الواردة أو في تصريف الكميات اللازمة لتلبية الاحتياجات المائية لمصر، والتي تكون منخفضة نسبيا في موسم الشتاء الحالي مقارنة بفترة ذروة الاستهلاك في الصيف (مايو إلى أغسطس).
مفيض توشكى والسيناريوهات المستقبلية
أحد المؤشرات الهامة على حجم المياه في بحيرة ناصر هو وضع مفيض توشكى. وأشار شراقي إلى أن المفيض لا يزال مغلقا حتى تاريخه (20 نوفمبر 2025)، لكنه لم يستبعد حدوث تغير قريب في هذا الوضع. يأتي هذا التوقع في ظل استمرار ارتفاع منسوب نهر النيل داخل الأراضي المصرية منذ شهر سبتمبر الماضي. [4]
تحليل شخصي: إن قرار فتح أو إغلاق مفيض توشكى هو قرار سيادي مصري شديد الحساسية، ويعتمد على حسابات دقيقة جدا توازن بين تأمين السد العالي من أخطار الفيضان المرتفع، والحفاظ على كل قطرة مياه يمكن تخزينها كاحتياطي استراتيجي للمستقبل. أي حديث عن احتمال فتحه قريبا يعكس أن الإيراد المائي الحالي يفوق الاحتياجات والتخزين الآمن، وهو خبر إيجابي في حد ذاته، لكنه يتطلب إدارة حكيمة للاستفادة من هذه المياه في مشروع توشكى بدلا من فقدانها في المنخفضات.
وتؤكد هذه المعطيات على أهمية المتابعة الدقيقة لكل التطورات في حوض النيل، وهو ما تغطيه بوابات إخبارية كبرى مثل ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة لأهمية الملف وتأثيره المباشر على حياة المصريين. [3]
في الختام، وعلى الرغم من أن الوضع المائي الحالي يبدو مطمئنا مع استمرار تدفق المياه نحو مصر ووجود مخزون استراتيجي جيد في بحيرة السد العالي، إلا أن ملف سد النهضة يظل ملفا ديناميكيا يتغير باستمرار. إن تشغيل التوربينات العلوية بشكل جزئي هو تطور يجب مراقبته عن كثب لفهم أبعاده الفنية وتأثيراته المستقبلية على أنماط تدفق النهر. وتبقى اليقظة والمتابعة العلمية الدقيقة، إلى جانب المسار الدبلوماسي، هما السلاحان الرئيسيان لمصر في حماية أمنها المائي وضمان حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل.


















