تم النسخ!
بوتين يتهم أوروبا بتخريب جهود السلام في أوكرانيا
![]() |
| بوتين يوجه انتقادات حادة للموقف الأوروبي من جهود السلام في أوكرانيا |
في تصعيد خطابي لافت، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتهاما مباشرا لحلفاء أوكرانيا الأوروبيين، معتبرا أنهم يعرقلون بشكل متعمد الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة للتوصل إلى تسوية سلمية للحرب في أوكرانيا. وأشار بوتين إلى أن الأوروبيين يفتقرون إلى أجندة سلام حقيقية، ويعملون على تعديل أي مقترحات بناءة بمطالب غير مقبولة بالنسبة لروسيا، مما يؤدي إلى إفشال أي فرصة لإنهاء النزاع. تأتي هذه التصريحات لتعمق الشرخ في المواقف الدولية تجاه الحرب، وتلقي باللوم على طرف جديد في استمرار الأزمة.
تحليل شخصي: نرى أن اتهام بوتين لأوروبا هو مناورة جيوسياسية ذكية تهدف إلى تحقيق عدة أهداف في آن واحد. أولا، يسعى إلى دق إسفين بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، مصورا واشنطن على أنها أكثر براغماتية ورغبة في السلام، بينما الأوروبيون هم المتطرفون. ثانيا، يهدف إلى إظهار روسيا بمظهر الطرف الذي يتجاوب مع جهود السلام لكنه يواجه تعنتا من أطراف أخرى. وأخيرا، يحاول بوتين استغلال أي تباينات محتملة في المواقف داخل المعسكر الغربي لصالحه.[4]
هذا المقال يغوص في تفاصيل تصريحات الرئيس الروسي، ويحلل دوافعها وتأثيراتها المحتملة على مسار الحرب وجهود التسوية الدولية.
تفاصيل الاتهام الروسي
لم يتردد الرئيس بوتين في تحديد طبيعة "التخريب" الأوروبي الذي تحدث عنه. وأوضح أن المشكلة تكمن في أن الدول الأوروبية، كلما تم تقديم مقترح سلام، تسارع إلى إضافة شروط تجعله مستحيلا للتطبيق من وجهة نظر موسكو.
أبرز النقاط التي أثارها بوتين هي:
- غياب أجندة السلام: اتهم بوتين الأوروبيين بأنهم لا يملكون رؤية للسلام، بل يركزون فقط على إلحاق الهزيمة بروسيا.
- تعديل المقترحات: أشار إلى أنهم يعدلون المقترحات الأمريكية بإضافة "مطالب غير مقبولة" تهدف إلى إفشال المفاوضات.
- انعدام الاستقلالية: لمّح بوتين إلى أن الموقف الأوروبي ليس مستقلا، بل هو انعكاس لمصالح أضيق لا تخدم بالضرورة هدف السلام الشامل.
هذه الاتهامات تأتي في سياق محاولات دولية مستمرة لإيجاد مخرج من الأزمة، لكنها تصطدم بشروط مسبقة من كلا الطرفين، مما يجعل أي تقدم دبلوماسي أمرا صعب المنال.[5]
الأهداف الكامنة وراء التصريحات
لا يمكن فصل تصريحات بوتين عن السياق الجيوسياسي الأوسع. فالحرب في أوكرانيا ليست مجرد نزاع عسكري، بل هي أيضا حرب دبلوماسية وإعلامية شرسة.
وهذا يشبه استراتيجية "فرّق تسد" الكلاسيكية في العلاقات الدولية. فبوتين يدرك أن قوة المعسكر الغربي تكمن في وحدته. ومن خلال الإشارة إلى وجود خلافات بين ضفتي الأطلسي حول كيفية إنهاء الحرب، فإنه يأمل في تعميق هذه الخلافات المحتملة وتحويلها إلى انقسامات حقيقية تضعف الدعم المقدم لأوكرانيا.
| الهدف الاستراتيجي | التكتيك المتبع |
|---|---|
| إضعاف الوحدة الغربية | التصوير بوجود خلافات بين أمريكا وأوروبا حول السلام. |
| تحسين صورة روسيا | إظهار روسيا كطرف منفتح على السلام يواجه تعنتا أوروبيا. |
| التأثير على الرأي العام | زرع الشكوك داخل الدول الغربية حول جدوى دعم أوكرانيا. |
ردود الفعل الدولية المتوقعة
من المتوقع أن تثير تصريحات بوتين ردود فعل قوية من العواصم الأوروبية، التي سترفض هذه الاتهامات وتؤكد على وحدة الموقف الغربي في دعم أوكرانيا وضرورة انسحاب القوات الروسية كشرط أساسي لأي سلام دائم.
قد تسعى الدبلوماسية الأوروبية إلى:
- التأكيد على الوحدة: إصدار بيانات مشتركة تؤكد على التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة ودعم أوكرانيا سياسيا وعسكريا.
- تجديد شروط السلام: إعادة التأكيد على أن السلام العادل لا يمكن أن يتحقق إلا بانسحاب روسيا الكامل من الأراضي الأوكرانية واحترام سيادتها.
- اتهام روسيا بالتعنت: قلب الطاولة على بوتين واتهامه بأنه هو من يعرقل السلام من خلال استمراره في الحرب وعدم إبدائه أي نية حقيقية للتفاوض.
تحليل شخصي: من وجهة نظرنا، فإن هذه الحرب الكلامية هي جزء لا يتجزأ من النزاع. كل طرف يحاول كسب المعركة السردية وتصوير الآخر على أنه المسؤول عن استمرار العنف. تصريحات بوتين الأخيرة هي فصل جديد في هذه المعركة، لكن من المستبعد أن تغير بشكل جوهري مواقف القوى الكبرى، التي تبدو راسخة في مواقفها الحالية.
في الختام، يمثل اتهام الرئيس بوتين لأوروبا بتخريب جهود السلام فصلا جديدا في الخطاب الروسي تجاه الحرب في أوكرانيا. ورغم أن هذه التصريحات قد تهدف إلى زرع الانقسام في صفوف الحلفاء الغربيين، إلا أنها قد تؤدي أيضا إلى نتيجة عكسية، وهي زيادة التنسيق والتمسك بالمواقف الموحدة في مواجهة ما تعتبره أوروبا عدوانا روسيا. يبقى المسار نحو السلام في أوكرانيا طويلا ومعقدا، وتصريحات كهذه تذكرنا بأن الحرب لا تدور فقط على الجبهات العسكرية، بل أيضا في أروقة الدبلوماسية والإعلام.
المصادر
- - الشروق نيوز
- - TRT عربي


















