تم النسخ!
المفصل العجزي الحرقفي: أعراضه، أسبابه، وعلاجه الفعال
يعتبر ألم أسفل الظهر أحد أكثر الشكاوى الطبية شيوعا في العالم، وغالبا ما يتم توجيه الاتهام مباشرة إلى مشاكل العمود الفقري مثل الانزلاق الغضروفي أو إجهاد العضلات. ولكن، هناك متهم خفي ومخادع يسبب نسبة كبيرة من هذه الحالات، وهو خلل المفصل العجزي الحرقفي (Sacroiliac Joint Dysfunction). هذا المفصل، الذي يقع في عمق الحوض ويربط العمود الفقري بالحوض، هو بطل مجهول في تحمل الصدمات وتوزيع الوزن، وعندما يتعرض للخلل، يمكن أن يسبب ألما مبرحا ومحيرا يصعب تشخيصه.
تحليل شخصي: نرى أن المفصل العجزي الحرقفي هو "المنطقة الرمادية" في تشخيص آلام أسفل الظهر. لسنوات، تم تجاهله إلى حد كبير لصالح التركيز على الفقرات القطنية. لكن الخبرة السريرية أظهرت أن عددا كبيرا من المرضى الذين تم تشخيصهم بـ "عرق النسا" أو "آلام الظهر غير المحددة" كانوا في الواقع يعانون من خلل في هذا المفصل. هذا يسلط الضوء على أهمية الفحص السريري الشامل وعدم القفز إلى استنتاجات تعتمد فقط على صور الرنين المغناطيسي للعمود الفقري.
⚠️ إخلاء مسؤولية طبية: هذا المحتوى ذو طبيعة توعوية ولا يشكل استشارة طبية احترافية ولا يغني بأي حال من الأحوال عن الاستشارة الطبية المهنية. يشدد بشكل قاطع على ضرورة استشارة الطبيب المعتمد قبل أي إجراء علاجي، لضمان التقييم الدقيق والمناسب لحالتك الفردية وسلامتك.
![]() |
| التشخيص الدقيق والعلاج الطبيعي هما حجر الزاوية في إدارة آلام المفصل العجزي الحرقفي |
يهدف هذا المقال إلى إزالة الغموض عن خلل المفصل العجزي الحرقفي، وشرح أسبابه، وأعراضه التي غالبا ما تكون خادعة، وكيفية الوصول إلى التشخيص الصحيح وخيارات العلاج المتاحة.
الأسباب الشائعة لخلل المفصل العجزي الحرقفي
يحدث خلل المفصل العجزي الحرقفي عندما تكون هناك حركة غير طبيعية في المفصل، إما حركة مفرطة (فرط الحركة/عدم استقرار) أو حركة قليلة جدا (نقص الحركة/تيبس).
وهذا يشبه أساسات مبنى؛ إذا كان أحد أركان الأساس غير مستقر (فرط حركة) أو متصلب (نقص حركة)، فإن الضغط ينتقل بشكل غير متساو إلى بقية الهيكل، مما يسبب شروخا ومشاكل في أماكن غير متوقعة. وبالمثل، فإن أي خلل في حركة المفصل العجزي الحرقفي يؤثر على ميكانيكية الحوض والعمود الفقري بأكمله.
تشمل الأسباب الرئيسية ما يلي:
- إصابة رضحية: السقوط المباشر على الأرداف، حوادث السيارات، أو رفع أوزان ثقيلة بشكل خاطئ يمكن أن يؤدي إلى تمدد الأربطة وإحداث خلل.
- الحمل والولادة: تفرز الهرمونات أثناء الحمل (مثل الريلاكسين) لجعل الأربطة أكثر مرونة استعدادا للولادة، مما قد يؤدي إلى عدم استقرار المفصل.
- أنماط المشي غير الطبيعية: وجود فرق في طول الساقين أو مشاكل في الكاحل أو الركبة يمكن أن يضع ضغطا غير متساو على جانب واحد من الحوض.
- إجهاد متكرر: الأنشطة الرياضية التي تتضمن التواء متكررا في منطقة الحوض مثل الجري لمسافات طويلة، الجولف، أو كرة القدم.
- الأمراض الالتهابية: حالات مثل التهاب الفقار اللاصق يمكن أن تسبب التهابا وتيبسا في المفصل.
الأعراض: "المقلد العظيم" لآلام الظهر
يطلق على خلل المفصل العجزي الحرقفي لقب "المقلد العظيم" لأنه يمكن أن يحاكي أعراض العديد من الحالات الأخرى، وأشهرها عرق النسا (Sciatica).
| العرض | خلل المفصل العجزي الحرقفي | عرق النسا (بسبب انزلاق غضروفي) |
|---|---|---|
| موقع الألم الأساسي | أسفل الظهر، الأرداف، وأعلى الفخذ الخلفي. | يبدأ في الظهر ويمتد على طول مسار العصب. |
| امتداد الألم | نادرا ما يمتد إلى ما بعد الركبة. | غالبا ما يمتد إلى أسفل الساق والقدم. |
| الأعراض العصبية | لا يسبب عادة خدر أو ضعف حقيقي في الساق. | قد يسبب خدرا، تنميلا، أو ضعفا في عضلات الساق. |
| محفزات الألم | يزداد مع الوقوف، صعود السلالم، والتقلب في السرير. | يزداد مع الجلوس لفترات طويلة، الانحناء، والسعال. |
بالإضافة إلى ذلك، قد يشعر المريض بألم في الفخذ أو بأنه غير قادر على الجلوس لفترة طويلة على جانب واحد.
التشخيص والعلاج الفعال
يعتبر تشخيص خلل المفصل العجزي الحرقفي تحديا. الأشعة السينية والرنين المغناطيسي غالبا ما تكون طبيعية، إلا إذا كان هناك التهاب شديد.
يعتمد التشخيص على:
- التاريخ المرضي: وصف دقيق للأعراض ومحفزات الألم.
- الفحص السريري: يقوم الطبيب أو أخصائي العلاج الطبيعي بإجراء سلسلة من الاختبارات الاستفزازية (Provocative Tests)، حيث يتم الضغط على المفصل بطرق مختلفة لإعادة إنتاج الألم.
- الحقن التشخيصي: يعتبر هذا هو "المعيار الذهبي" للتشخيص. يتم حقن مخدر موضعي في المفصل تحت توجيه الأشعة. إذا اختفى الألم بشكل كبير، فهذا يؤكد أن المفصل هو مصدر المشكلة.
ونرى أن العلاج الطبيعي ليس مجرد مجموعة من التمارين، بل هو عملية إعادة تعليم للجسم. الهدف ليس فقط تقوية العضلات، بل تحسين أنماط الحركة وتصحيح الاختلالات التي أدت إلى المشكلة في المقام الأول. المريض الذي يفهم هذا ويلتزم بالبرنامج العلاجي هو الذي يحقق أفضل النتائج على المدى الطويل.
أما العلاج، فيركز بشكل أساسي على الخيارات التحفظية:
- العلاج الطبيعي: هو أهم جزء في العلاج، ويتضمن تمارين لتثبيت الحوض وتقوية عضلات الجذع والأرداف، بالإضافة إلى العلاج اليدوي لتصحيح وضع المفصل.
- الأدوية: مضادات الالتهاب لتخفيف الألم والتورم.
- الحقن العلاجي: يمكن حقن الكورتيزون في المفصل لتوفير راحة أطول من الالتهاب.
- خيارات أخرى: في الحالات المزمنة، يمكن استخدام التردد الراديوي (كي الأعصاب) أو ارتداء حزام دعم الحوض. الجراحة (تثبيت المفصل) هي الملاذ الأخير للحالات الشديدة جدا.
في الختام، خلل المفصل العجزي الحرقفي هو سبب حقيقي وشائع لآلام أسفل الظهر والحوض، ولكنه قابل للعلاج. إذا كنت تعاني من أعراض مشابهة ولم تستجب للعلاجات التقليدية لمشاكل العمود الفقري، فقد يكون من المفيد مناقشة هذا الاحتمال مع طبيبك. الحصول على تشخيص دقيق هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية نحو استعادة الحركة والعيش بدون ألم.
المصادر
- - Mayo Clinic
- - WebMD
- - Cleveland Clinic
- - Spine-health


















