تم النسخ!
لفتة إنسانية وسط الركام: الخرطوم تعفي سكانها من فواتير المياه عامين ونصف
في ظل ظروف استثنائية قاسية تعيشها العاصمة السودانية، ومع استمرار دوي المدافع وتفاقم المعاناة الإنسانية بسبب الحرب الدائرة، أصدر والي ولاية الخرطوم قرارًا إداريًا يحمل طابعًا إنسانيًا وإغاثيًا بامتياز. القرار يقضي بإعفاء جميع سكان ولاية الخرطوم بالكامل من سداد رسوم فواتير المياه لفترة تمتد لعامين ونصف، وتحديدًا من بداية عام 2023 وحتى منتصف عام 2025. هذه الخطوة تأتي كمحاولة لتخفيف الأعباء المعيشية الثقيلة التي كاهل المواطنين الذين صمدوا في منازلهم أو الذين فقدوا مصادر دخلهم جراء الصراع المستمر، وتعكس شعورًا بالمسؤولية من السلطات المحلية تجاه مواطنيها في أحلك الظروف.
تحليل شخصي: نرى أن هذا القرار يتجاوز قيمته المادية؛ فهو يحمل رسالة تضامن معنوية هائلة. في وقت تنهار فيه الخدمات في مناطق النزاع عادة، تحاول الخرطوم الحفاظ على شريان الحياة الرئيسي (المياه) مجانًا. هذا القرار يعكس فهمًا عميقًا لأولويات البقاء، حيث يصبح الحصول على كوب مياه نظيف تحديًا في زمن الحرب. التحدي الآن سيكون في القدرة الفنية والتشغيلية لهيئة المياه على الاستمرار في الضخ والصيانة دون عوائد مالية، وهو ما يتطلب دعمًا دوليًا ومجتمعيًا موازيًا.[1]
![]() |
| النيل شريان الحياة.. والخرطوم تضمن تدفقه للمواطنين مجانًا رغم الحرب |
تفاصيل القرار ومداه الزمني
جاء القرار شاملاً وغير مشروط، ليغطي فترة زمنية حرجة في تاريخ السودان الحديث.
- الفترة الزمنية: الإعفاء يشمل المتأخرات والفواتير الجديدة بدءًا من العام 2023، ويستمر حتى منتصف العام 2025، وهي الفترة التي شهدت اندلاع واشتداد المعارك.
- المستفيدون: القرار يشمل "جميع سكان ولاية الخرطوم"، دون تمييز بين أحياء راقية أو شعبية، فالضرر طال الجميع.
- الهدف: تخفيف الضغط المالي على الأسر التي فقدت مصادر دخلها، وتأكيد التزام الدولة بتوفير الخدمات الأساسية كحق إنساني وليس كسلعة تجارية في وقت الأزمات.[2]
تحديات وفرص: تطوير المياه تحت النار
لم يكتفِ والي الخرطوم بقرار الإعفاء، بل وجه بحزمة من الإجراءات لضمان استمرارية الخدمة وتحسين جودتها، في تحدٍ واضح لظروف الحرب التي دمرت البنية التحتية.
- توطين الصناعة: وجه الوالي بالبدء الفوري في إجراءات لتطوير صناعة مواد تنقية المياه (البوليمر) محليًا، لتقليل الاعتماد على الاستيراد الذي أصبح شبه مستحيل أو مكلف للغاية في ظل إغلاق الحدود والمطارات.
- المناطق الريفية: تضمن التوجيه التركيز على تحسين شبكات المياه في الريف الشمالي والجنوبي للولاية، وهي المناطق التي نزح إليها الآلاف هربًا من معارك وسط المدينة.
- خطة الطوارئ: وضعت إدارة المياه خطة لضمان تشغيل المحطات بالوقود البديل وصيانة الخطوط التي تتعرض للقصف، لضمان عدم انقطاع "شريان الحياة".[3]
وهذا يشبه الحادثة التي حدثت في قطاع غزة أو المدن السورية خلال فترات الصراع الشديد، حيث تضطر السلطات المحلية أو المنظمات الدولية لتحمل تكاليف الخدمات الأساسية بالكامل لمنع كارثة إنسانية. الفرق هنا هو أن القرار صادر من سلطة ولائية محلية تحاول الصمود بمواردها الذاتية المحدودة.[4]
أهمية المياه في معادلة الصمود
في الحروب، يصبح الماء سلاحًا وأداة ضغط. قرار الخرطوم بتحييد هذا الملف وجعله مجانيًا يزيل عبئًا نفسيًا وماديًا هائلاً عن كاهل المواطن.
| الأثر المباشر | الأثر غير المباشر |
| توفير سيولة مادية للأسر لشراء الغذاء والدواء. | تعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة المتبقية. |
| ضمان وصول المياه النظيفة ومنع الأمراض (الكوليرا). | تشجيع المواطنين على البقاء في منازلهم وعدم النزوح إذا توفرت الخدمات. |
الخاتمة
قرار إعفاء سكان الخرطوم من فواتير المياه هو "نقطة ضوء" في نفق الحرب المظلم. إنه يثبت أن الإدارة والإرادة يمكن أن تبتكر حلولًا حتى تحت القصف. بينما ينتظر السودانيون توقف أصوات الرصاص، فإن تدفق المياه إلى منازلهم مجانًا يخبرهم بأن هناك من لا يزال يهتم لأمرهم، وأن الحياة، رغم كل شيء، مستمرة.
المصادر
- [1] رؤيا نيوز - مدينة عربية تمنح إعفاء طويل الأمد من رسوم الماء
- [2] العربية بيزنس - تفاصيل قرار ولاية الخرطوم
- [3] الحدث السوداني - حكومة الخرطوم وخطط تطوير المياه
- [4] المصري اليوم - متنفساً بعد معاناة للسودانيين


















