تم النسخ!
"بومبي الإسلامية": مدينة غارقة تكشف أسرارها بعد قرون من الصمت
في اكتشاف أثري مذهل يعيد كتابة جزء من تاريخ وسط آسيا، أعلن علماء من الأكاديمية الروسية للعلوم عن العثور على بقايا مدينة إسلامية متكاملة غارقة تحت مياه بحيرة "إيسيك كول" في قيرغيزستان، وهي واحدة من أعمق البحيرات في العالم. المدينة التي أطلق عليها البعض لقب "بومبي الإسلامية" تعود للعصور الوسطى، وقد كشفت الحفريات الأولية عن تفاصيل مدهشة لحياة حضرية مزدهرة توقفت فجأة. من بين الاكتشافات المثيرة، تم العثور على مقبرة إسلامية تضم هياكل عظمية موجهة جميعها بدقة نحو القبلة، مما يؤكد الهوية الدينية الإسلامية الراسخة لسكان هذه المدينة المفقودة.[1]
تحليل شخصي: نرى أن هذا الاكتشاف يحمل أهمية استثنائية تتجاوز البعد الأثري التقليدي. وجود مدينة إسلامية متطورة صناعيًا وتجاريًا في هذا الموقع الاستراتيجي يعيد تسليط الضوء على الدور المحوري الذي لعبه المسلمون في التجارة العالمية عبر طريق الحرير. إن مقارنتها بمدينة "بومبي" الإيطالية ليست من قبيل المبالغة، فكلاهما يمثل "كبسولة زمنية" حفظت تفاصيل الحياة اليومية للحظة وقوع الكارثة، مما يمنحنا نافذة نادرة لرؤية الماضي كما كان تمامًا.[2]
![]() |
| بقايا المدينة الغارقة تروي قصة حضارة ازدهرت ثم اختفت تحت الماء |
معالم حضارة تحت الماء: مساجد وطواحين
تشير الأدلة التي جمعها الغواصون والعلماء إلى أن المدينة لم تكون مجرد قرية صغيرة، بل كانت مركزًا حضريًا متكامل المعالم. تضمنت الاكتشافات بقايا مساجد ومدارس دينية، وحمامات عامة، مما يعكس مستوى عاليًا من التنظيم الاجتماعي والرقي المعماري. ولعل أبرز ما يميز الموقع هو وجود طواحين حبوب هائلة وهياكل خشبية ضخمة، مما يدل على نشاط صناعي وزراعي كبير. يرجح الباحثون أن المدينة كانت محطة رئيسية ومركزًا تجاريًا حيويًا على طريق الحرير القديم، حيث كانت ملتقى للثقافات والبضائع بين الشرق والغرب.[3]
| الاكتشاف الأثري | الدلالة التاريخية |
|---|---|
| مقابر موجهة للقبلة | تؤكد الهوية الإسلامية والتزام السكان بالشعائر. |
| طواحين ومنشآت صناعية | تشير إلى اقتصاد قوي وإنتاج زراعي وفير. |
| بقايا بضائع متنوعة | دليل على دورها كمحطة تجارية عالمية على طريق الحرير. |
قصة النهاية المأساوية: زلزال وغرق
مثلما انتهت بومبي ببركان، انتهت هذه المدينة بزلزال مدمر في القرن الخامس عشر الميلادي. تشير الدراسات الجيولوجية والأثرية إلى أن الزلزال تسبب في انهيارات أرضية وارتفاع مفاجئ في منسوب مياه بحيرة إيسيك كول، مما أدى إلى غمر المدينة بالكامل. ورغم الدمار الهائل، تشير الأدلة إلى أن معظم السكان قد تمكنوا من الفرار قبل الكارثة الكبرى، تاركين وراءهم مدينتهم لتصبح أثرًا بعد عين في قاع البحيرة. ويواصل الفريق البحثي استخدام تقنيات التأريخ بالكربون المشع لتحديد التواريخ الدقيقة وفهم التسلسل الزمني لهذه الأحداث الدرامية.[4]
في الختام، يظل اكتشاف "المدينة الغارقة" في قيرغيزستان شاهدًا حيًا على عظمة الحضارة الإسلامية وانتشارها في أقاصي الأرض. إنها تذكير بأن التاريخ لا يزال يخبئ في باطن الأرض وأعماق البحار قصصًا لم تُروَ بعد. ومع استمرار الأبحاث، نتوقع أن تكشف لنا هذه المياه العميقة المزيد من الأسرار عن حياة أجدادنا وتراثهم العريق.


















