تم النسخ!
حادثة سيارة المحور تفتح النقاش: حدود الحرية الشخصية والفعل الفاضح في المجال العام
بعيدا عن الجانب الجنائي، فتحت واقعة "سيارة الفعل الفاضح" التي شهدها محور 26 يوليو، بابا واسعا للنقاش المجتمعي حول قضية شائكة: أين تنتهي الحرية الشخصية وأين تبدأ حدود الفضاء العام؟ لقد أظهر الفيديو المتداول مجموعة من الشباب والفتيات يتصرفون بأريحية وكأنهم في مكان مغلق، غير عابئين بأنهم على طريق عام وتحت أنظار الجميع، مما يطرح تساؤلا حول مفهوم "السيارة" في نظر البعض؛ هل هي امتداد للمنزل ومساحة خاصة، أم أنها جزء من الشارع تخضع لقواعده وآدابه؟ من خلال خبرتنا في متابعة القضايا التي تلامس الرأي العام، نجد أن مثل هذه الحوادث غالبا ما تكون بمثابة اختبار لقيم المجتمع ومدى تمسكه بها في مواجهة السلوكيات الفردية المستهترة.
تحليل شخصي: نرى أن الجدل لا يدور حول إدانة الفعل نفسه، فالأغلبية تتفق على أنه سلوك مرفوض، ولكن النقاش الأعمق يدور حول الدوافع. هل هو مجرد تهور شبابي تفاقم بسبب احتساء مواد كحولية، أم أنه يعكس تحولا أعمق في مفاهيم بعض الشباب عن الأخلاق والمسؤولية في الفضاء العام؟ الإجابة عن هذا السؤال تتطلب نظرة أبعد من مجرد الإجراء الأمني، وتستدعي حوارا مجتمعيا حول التربية والقيم.
![]() |
| القبض على المتهمين يضع حدا للجدل ويحيل القضية للقانون |
السيارة: هل هي مساحة خاصة أم عامة؟
قانونيا، الإجابة واضحة. السيارة، رغم أنها ملكية خاصة، إلا أنها بمجرد سيرها في طريق عام تصبح جزءا منه، وكل ما يحدث بداخلها بشكل مرئي للعيان يخضع لقواعد "العلانية" التي ينص عليها القانون. فجريمة "الفعل الفاضح" في المادة 278 من قانون العقوبات تشترط "العلانية" لتكتمل أركانها.[3]
بما أن ما حدث داخل السيارة كان مرئيا لسائقي السيارات الأخرى، ومنهم المواطن الذي قام بالتصوير، فإن شرط العلانية متحقق قانونا، وبالتالي فإن ادعاء "الخصوصية" داخل السيارة يسقط تماما في هذه الحالة.
| المفهوم | التطبيق في واقعة المحور |
|---|---|
| الحرية الشخصية | مكفولة بالقانون، لكنها تقف عند حدود عدم الإضرار بالآخرين أو انتهاك النظام العام. |
| الفضاء العام | يشمل الشوارع والطرقات، والسيارة أثناء سيرها تعتبر جزءا منه. |
| العلانية | تحققت برؤية المارة لما يحدث داخل السيارة، وهو ركن أساسي في جريمة الفعل الفاضح. |
جدل التصوير: بين توثيق الجريمة وانتهاك الخصوصية
أثار رد فعل المتهمين العنيف تجاه من صورهم، نقطة جدلية أخرى حول مشروعية تصوير المواطنين لبعضهم في الشارع. يرى البعض أن تصوير الأشخاص دون إذنهم هو انتهاك للخصوصية، بينما يرى آخرون أنه في حالة توثيق جريمة متلبس بها، يصبح الأمر واجبا مجتمعيا.
وهذا يشبه الجدل الذي دار حول تركيب كاميرات المراقبة في الشوارع والمحلات. في البداية، اعترض البعض عليها باعتبارها خرقا للخصوصية، لكن مع مرور الوقت أثبتت فعاليتها الكبيرة في كشف الجرائم وتحقيق الأمن، وأصبح وجودها مقبولا مجتمعيا. وبالمثل، يمكن اعتبار هاتف المواطن في هذه الحالة كاميرا مراقبة متحركة ساهمت في تحقيق الأمن.
القانون يتعامل مع هذا الأمر بحكمة، فبينما يجرم التشهير وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، فإنه يعتبر التسجيلات والأدلة الرقمية التي توثق جريمة دليلا مقبولا أمام جهات التحقيق، وهو ما حدث بالفعل في هذه القضية حيث كان الفيديو هو أساس التحرك الأمني.[1]
دور المجتمع والقانون في رسم الحدود
في النهاية، حسمت وزارة الداخلية الجدل بتطبيق القانون وضبط المتهمين وإحالتهم للنيابة.[2] هذا الإجراء يؤكد أن الدولة، من خلال أجهزتها، هي المسؤولة عن رسم الخطوط الفاصلة بين الحريات والمحظورات، وأن القانون هو الحكم النهائي في أي خلاف.
تؤكد منصات إخبارية مثل ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة، على أن مثل هذه القضايا تعيد إلى الواجهة أهمية دور الأسرة والمؤسسات التعليمية والدينية في ترسيخ قيم احترام الفضاء العام لدى النشء والشباب.[4]
تحليل شخصي: نرى أن الحل لا يكمن فقط في العقوبات الرادعة، على أهميتها، بل في بناء ثقافة مجتمعية تقوم على التوازن. ثقافة تحترم الحرية الشخصية طالما أنها لا تؤذي الآخرين، وتقدر أهمية الحفاظ على المظهر الحضاري والأخلاقي للمجتمع في فضائه العام. هذه الحادثة يجب أن تكون دافعا لحوار بناء، لا لمزيد من الاستقطاب.
في الختام، تبقى واقعة سيارة المحور أكثر من مجرد جريمة عابرة؛ إنها مرآة تعكس بعض التحديات التي تواجه المجتمع في العصر الحديث. لقد أثارت أسئلة ضرورية حول القيم والحدود والمسؤوليات، وحسمها القانون بقوته. لعل الدرس الأهم المستفاد هو أن الحرية الحقيقية هي التي تأتي مصحوبة بالمسؤولية، وأن الفضاء العام ملك للجميع، واحترامه واجب على الجميع.


















