تم النسخ!
فيديو تدخين الحشيش: القصة الكاملة لشبيه مدير CIA بالقاهرة
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي بمقطع فيديو مثير للجدل، يظهر فيه رجل أجنبي مسن يشبه إلى حد كبير جون برينان، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) الأسبق، وهو يجلس في مقهى شعبي بالقاهرة ويبدو أنه يدخن الحشيش. الفيديو، الذي حمل ادعاء خطيرا باعتراف برينان بتدخين الحشيش في مصر، انتشر كالنار في الهشيم، مثيرا عاصفة من السخرية والتساؤلات السياسية. لكن سرعان ما تبين أن القصة برمتها لا أساس لها من الصحة، وأن الرجل في الفيديو هو مجرد سائح أمريكي لا علاقة له ببرينان. من واقع متابعتنا لمثل هذه الظواهر، يتضح كيف يمكن لمقطع فيديو قصير أن يخلق "تريند" عالميا بناء على معلومة خاطئة، وكيف أصبحت السوشيال ميديا بيئة خصبة لنمو الشائعات.
تحليل شخصي: نرى أن هذه الواقعة تكشف عن عدة أمور. أولاً، قوة الشبه بين شخصين عاديين يمكن أن تخلق أزمة إعلامية. ثانياً، سرعة تصديق الجمهور للمحتوى المثير والميل لمشاركته دون تحقق، خاصة إذا كان يمس شخصية عامة ومثيرة للجدل مثل مدير سابق للـ CIA. ثالثاً، وهو الأهم، كيف يمكن لشائعة عابرة أن تتحول إلى مادة للتحليل السياسي، حيث بدأ البعض في ربط الفيديو المزعوم بالعلاقات المصرية الأمريكية، مما يظهر خطورة ترك الأخبار الكاذبة دون تصحيح فوري.[1]
![]() |
| السائح الأمريكي الذي أثار الجدل بسبب الشبه الكبير بينه وبين جون برينان |
الفيديو الذي أشعل الجدل: من هو الرجل الغامض؟
بدأ كل شيء مع انتشار مقطع فيديو قصير، تم تصويره على ما يبدو بكاميرا هاتف محمول، لرجل أجنبي ذي شعر أبيض ويرتدي نظارة، يجلس في مقهى شعبي بمنطقة وسط البلد في القاهرة. كان الرجل يتحدث بلكنة إنجليزية واضحة، ويقول للمصور ما معناه "أنا أدخن الحشيش هنا في القاهرة... أستمتع بوقتي".
بسبب الشبه الكبير والمذهل بين هذا الرجل وجون برينان، مدير CIA في عهد الرئيس أوباما، قام الكثيرون بقص هذا الجزء من الفيديو وإعادة نشره مع تعليقات تزعم أن مدير المخابرات الأمريكية السابق يعترف بتعاطي المخدرات في مصر. وسرعان ما تحول الأمر إلى قضية رأي عام على منصات التواصل.[2]
| الادعاء (الشائعة) | الحقيقة |
|---|---|
| الرجل في الفيديو هو جون برينان. | الرجل هو سائح أمريكي لا علاقة له بالسياسة أو المخابرات. |
| برينان يعترف بتدخين الحشيش في القاهرة. | السائح كان يتحدث بشكل عفوي وربما مازح، وليس هناك دليل على صحة كلامه. |
| الفيديو له أبعاد سياسية وأمنية. | الفيديو مجرد لقطة عفوية لسائح يستمتع بوقته في مصر. |
كشف الحقيقة: نهاية الشائعة
مع تزايد الجدل، ظهر ناشر الفيديو الأصلي، وهو شاب مصري، ليوضح الحقيقة. أكد الشاب أنه صور الفيديو بالفعل في أحد مقاهي وسط البلد، وأن الرجل هو مجرد سائح أمريكي أعجب بالأجواء المصرية وكان يتحدث بعفوية، ولم يكن لديه أي فكرة عن الشبه بينه وبين جون برينان.
وهذا يشبه الحادثة التي وقعت في إسبانيا قبل عامين، حيث تم الخلط بين سائح بريطاني وبين مجرم هارب بسبب تشابه الملامح، وتم القبض على السائح بالخطأ. هذه الحوادث تبرز كيف يمكن أن يؤدي التشابه الجسدي، في عصر الصورة والفيديو، إلى مواقف معقدة ومحرجة، وأحيانا خطيرة.[3]
وأعرب ناشر الفيديو عن دهشته من حجم الانتشار، مؤكدا أنه لم يقصد أبدا الترويج لأي شائعة سياسية. هذا التوضيح، بالإضافة إلى التحليلات التي أبرزت الفروق الدقيقة في الملامح بين الرجلين، ساهم في وضع حد للجدل وتوضيح الصورة الحقيقية للجمهور.
علم نفس الشائعات: لماذا نصدق وننشر؟
تعتبر واقعة "شبيه برينان" نموذجا مثاليا لدراسة سيكولوجية انتشار الشائعات في العصر الرقمي. هناك عدة عوامل تساهم في ذلك:
- الانحياز التأكيدي: يميل الناس إلى تصديق المعلومات التي تتوافق مع معتقداتهم المسبقة. فالبعض لديه صورة سلبية عن أجهزة المخابرات، وبالتالي فإن فيديو كهذا يتوافق مع هذه الصورة.
- عامل الإثارة: القصص الغريبة وغير المألوفة (مدير CIA يدخن الحشيش) تنتشر أسرع بكثير من الأخبار العادية.
- الجاذبية البصرية: الفيديو والصورة أقوى تأثيرا من النص المكتوب، والمخ يميل إلى تصديق ما يراه.
- سهولة المشاركة: بنقرة زر واحدة، يمكن لأي شخص أن يصبح جزءا من سلسلة نشر الشائعة دون وعي.
رأي شخصي: نعتقد أن المعركة ضد الأخبار الكاذبة هي مسؤولية مشتركة. تبدأ من المستخدم الذي يجب أن يفكر مرتين قبل الضغط على زر "مشاركة"، مرورا بالمنصات الرقمية التي يجب أن تطور أدوات للتحقق من الحقائق، وانتهاء بالإعلام التقليدي الذي يقع على عاتقه دور محوري في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتقديم المعلومة الدقيقة بسرعة لمواجهة سيل الشائعات.[4]
في الختام، انتهت قصة "اعتراف" جون برينان المزعوم في القاهرة كما بدأت: كزوبعة في فنجان رقمي. لقد كانت مجرد لقطة عفوية لسائح أمريكي يستمتع بليالي القاهرة الساحرة، لكن قوة الشبه وسرعة السوشيال ميديا حولتها إلى قصة عالمية. هذه الواقعة الطريفة في جوهرها تحمل تحذيرا جادا حول ضرورة التفكير النقدي والتحقق من المصادر في عالم أصبحت فيه الحقيقة والشائعة تتنافسان على جذب انتباهنا. وفي النهاية، يبقى الأثر الإيجابي الوحيد هو الدعاية المجانية التي حصلت عليها مقاهي وسط البلد، والتي أثبتت أنها قادرة على جذب انتباه العالم، ولو عن طريق الخطأ.


















