تم النسخ!
بعد زيارة رئيس الشاباك.. مصر ترسم الخطوط الحمراء لغزة
![]() |
| مصر تؤكد على ثوابتها تجاه القضية الفلسطينية ومستقبل قطاع غزة |
في رسالة دبلوماسية وأمنية شديدة الوضوح، أكدت مصر موقفها الثابت والرافض بشكل قاطع لأي شكل من أشكال الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، أو تهجير سكانه. جاء هذا التأكيد الحاسم في أعقاب زيارة قام بها رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، دافيد زيني، إلى القاهرة، ولقائه بمسؤولين في المخابرات المصرية. من واقع خبرتنا في تحليل العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، تمثل هذه التصريحات المصرية ذروة التحرك الدبلوماسي لتحديد مستقبل "اليوم التالي" للحرب في غزة، ووضع خطوط حمراء لا يمكن لإسرائيل تجاوزها.
تحليل شخصي: نرى أن الموقف المصري المعلن بهذه القوة بعد اجتماع أمني رفيع المستوى، هو تحرك استباقي ومدروس. القاهرة لا تنتظر نهاية العمليات العسكرية لتبدأ في التفاوض، بل تفرض رؤيتها ومحدداتها للأمن القومي منذ الآن. الرسالة واضحة: أي ترتيبات أمنية مستقبلية في غزة يجب ألا تتضمن وجودا عسكريا إسرائيليا دائما أو أي تغيير ديموغرافي، وهو ما تعتبره مصر تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
يتناول هذا المقال تفاصيل الموقف المصري، وأبعاد زيارة رئيس الشاباك للقاهرة، والأسس التي تبني عليها مصر رؤيتها لمستقبل قطاع غزة في ظل التطورات الراهنة.
زيارة رئيس الشاباك ومباحثات القاهرة
شكلت زيارة دافيد زيني للقاهرة محطة هامة في الاتصالات الأمنية بين مصر وإسرائيل. وبحسب المصادر، فإن المباحثات التي أجراها مع جهاز المخابرات المصرية تناولت بشكل أساسي الترتيبات الأمنية المستقبلية في قطاع غزة.
وخلال هذه المباحثات، أبلغت مصر الجانب الإسرائيلي بشكل لا لبس فيه رفضها التام لوجود أي قوات احتلال في القطاع بعد انتهاء الحرب. [1] الموقف المصري لم يقتصر على الرفض، بل أكد على ضرورة البحث عن حلول سياسية تضمن حقوق الشعب الفلسطيني وتمنع تكرار دوامات العنف.
| النقطة | الموقف المصري الحاسم |
|---|---|
| الاحتلال | رفض قاطع لاستمرار أو إعادة احتلال قطاع غزة عسكريا |
| التهجير | رفض تام ومطلق لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم |
| الحل | التأكيد على ضرورة الحلول السياسية القائمة على الشرعية الدولية |
تأكيد رسمي من هيئة الاستعلامات المصرية
لم يترك الموقف المصري مجالا للتأويلات، حيث جاء تأكيد رسمي على لسان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، الذي شدد على أن مصر لن تقبل تحت أي ظرف من الظروف استمرار الاحتلال الإسرائيلي للقطاع الفلسطيني.
وهذا يشبه المواقف التاريخية التي اتخذتها مصر في أوقات حاسمة، والتي تؤكد فيها على دورها كلاعب إقليمي رئيسي لا يمكن تجاوزه عند رسم خرائط المنطقة. فكما لعبت دورا محوريا في اتفاقيات السلام السابقة، تسعى اليوم للعب دور محوري في تحديد معالم السلام المستقبلي.
تصريحات رشوان تعكس رؤية الدولة المصرية بأكملها، وتؤكد أن الموقف ليس مجرد تكتيك تفاوضي، بل هو من ثوابت السياسة الخارجية والأمن القومي المصري. [2]
إعادة ترتيب الأوراق وتثبيت اتفاقية شرم الشيخ
تشير التحركات المصرية الحالية إلى أنها تسعى لإعادة ترتيب أوراق المنطقة على أسس تضمن الاستقرار وتمنع تفجر الصراع مجددا. أحد الأهداف الرئيسية هو تثبيت وتفعيل المبادئ التي أرستها اتفاقيات سابقة، مثل اتفاقية شرم الشيخ.
وتشمل الرؤية المصرية لمستقبل غزة عدة محاور:
- سلطة فلسطينية: ضرورة أن تكون إدارة قطاع غزة بيد سلطة فلسطينية معترف بها، تمهيدا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
- إعادة الإعمار: البدء في جهود دولية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في القطاع.
- ضمانات أمنية: البحث عن ضمانات أمنية دولية وإقليمية تمنع تجدد الاعتداءات الإسرائيلية وتضمن أمن الحدود. [3]
- رفض التجزئة: التأكيد على وحدة الأراضي الفلسطينية ورفض أي مخططات لفصل غزة عن الضفة الغربية. [4]
تحليل شخصي: نرى أن مصر تلعب دور "الضامن الإقليمي" الذي لا غنى عنه. هي تدرك أن أي حل لا يحظى بقبول مصري سيكون هشا وغير قابل للاستمرار. لذلك، تستخدم ثقلها الدبلوماسي والأمني لبلورة إجماع إقليمي ودولي حول رؤيتها، والتي تضع القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في صميم أي ترتيبات مستقبلية، مع الحفاظ الكامل على أمنها القومي.
في الختام، يبعث الموقف المصري الحاسم برسالة واضحة إلى جميع الأطراف المعنية بأن مستقبل قطاع غزة لا يمكن أن يقرر بمعزل عن إرادة المنطقة، وبأن ثوابت الأمن القومي المصري والقضية الفلسطينية هي خطوط حمراء. إن التحركات الدبلوماسية والأمنية التي تقودها القاهرة حاليا ستكون لها تداعيات مباشرة على شكل التسوية النهائية للصراع، وتؤكد مرة أخرى على أن مصر تظل حجر الزاوية في أي معادلة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.


















