تم النسخ!
إسرائيل تسلم رفات هدار غولدن: خطوة مفاجئة أم تمهيد لصفقة كبرى؟
في تطور مفاجئ ومحوري، أعلنت مصادر متطابقة عن قيام إسرائيل بتسليم رفات الجندي الإسرائيلي هدار غولدن، الذي كانت حركة حماس تحتجزه في قطاع غزة منذ عملية "الجرف الصامد" عام 2014. هذه الخطوة، التي تأتي بعد سنوات من الجمود في المفاوضات، تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول طبيعتها ودوافعها، وما إذا كانت تمثل بادرة حسن نية أحادية الجانب، أم أنها الحلقة الأولى في سلسلة خطوات قد تفضي إلى صفقة تبادل أسرى شاملة. من واقع متابعتنا الدقيقة لملف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، يمكن اعتبار هذا الحدث نقطة تحول قد تعيد رسم مسار أحد أكثر الملفات تعقيدا في الشرق الأوسط.
تحليل شخصي: نرى أن توقيت هذه الخطوة شديد الأهمية والحساسية. فهو لا يعكس فقط ضغوطا متزايدة من عائلة غولدن والمجتمع الإسرائيلي على حكومة نتنياهو، بل قد يشير أيضا إلى تغير في استراتيجية التفاوض الإسرائيلية. بدلا من التمسك بموقف "كل شيء أو لا شيء"، قد تكون إسرائيل قد قررت اتباع نهج تدريجي لبناء الثقة، أو ربما الاستجابة لشرط وضعته حماس للمضي قدما في المحادثات. هذه الخطوة، وإن كانت إنسانية في ظاهرها، هي سياسية بامتياز.[1]
![]() |
| عملية تسليم رفات هدار غولدن تثير تساؤلات حول مستقبل صفقة تبادل الأسرى |
تفاصيل عملية التسليم والوساطة الدولية
جرت عملية التسليم في سرية تامة، وبتنسيق من وسطاء دوليين وإقليميين، وعلى رأسهم مصر وقطر، اللتان تلعبان دورا محوريا في جهود التهدئة والمفاوضات بين إسرائيل وحماس. وبحسب المعلومات المتوافرة، تم نقل الرفات عبر معبر حدودي تحت إشراف أمني مكثف، وبعد إجراء فحوصات للتأكد من هويته.[2]
حرصت كل الأطراف على عدم تسريب تفاصيل العملية لوسائل الإعلام قبل إتمامها، وذلك لتجنب أي تعقيدات قد تنشأ، سواء على المستوى الأمني أو السياسي الداخلي في إسرائيل. لم تصدر حماس بيانا رسميا فوريا يوضح المقابل الذي حصلت عليه، مما يزيد من الغموض حول ما إذا كانت هذه الخطوة جزءا من تفاهمات أوسع لم يتم الكشف عنها بعد.
خلفية قضية غولدن وأورون شاؤول
تعود قضية هدار غولدن، بالإضافة إلى الجندي الآخر أورون شاؤول، إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في صيف عام 2014، والتي أطلقت عليها إسرائيل اسم عملية "الجرف الصامد". أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن أسر الجنديين خلال معارك ضارية شرق قطاع غزة. منذ ذلك الحين، صنفتهما إسرائيل كـ"قتلى في عداد المفقودين"، واعتبرت أن حماس تحتجز رفاتهما.
| العنصر | هدار غولدن | أورون شاؤول |
|---|---|---|
| تاريخ الأسر | 1 أغسطس 2014 | 20 يوليو 2014 |
| الرتبة العسكرية | ملازم ثان | رقيب |
| الحالة المعلنة إسرائيليا | قتيل رفاته محتجزة | قتيل رفاته محتجزة |
| مطالب حماس | ربط مصيرهما بصفقة تبادل شاملة للإفراج عن أسرى فلسطينيين | |
وهذا يشبه إلى حد ما ملف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته فصائل فلسطينية في عام 2006. لكن الفارق الجوهري هو أن شاليط كان على قيد الحياة، مما أعطى المفاوضات زخما مختلفا وضغطا شعبيا هائلا على الحكومة الإسرائيلية، وهو ما انتهى بصفقة ضخمة عام 2011 تم بموجبها الإفراج عن أكثر من 1000 أسير فلسطيني. في حالة غولدن وشاؤول، تتعامل إسرائيل مع القضية على أنها استعادة رفات، وهو ما يغير من طبيعة وحجم المقابل المتوقع.[3]
ردود الفعل: بين ترحيب العائلة وضغط سياسي
فور تأكيد الخبر، رحبت عائلة غولدن بالخطوة، معتبرة إياها نهاية لمعاناة طويلة استمرت لأكثر من عقد من الزمان. وقد شكرت العائلة في بيانها كل من ساهم في إعادة رفات ابنها، مؤكدة على ضرورة مواصلة الجهود لإعادة رفات أورون شاؤول وبقية الأسرى.
على الصعيد السياسي، كانت ردود الفعل متباينة. فبينما اعتبرت أوساط في المعارضة الإسرائيلية أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا، انتقد سياسيون من اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي القيام بهذه الخطوة دون الحصول على مقابل واضح وملموس، معتبرين أنها قد تشجع حماس على التمسك بمطالبها في أي مفاوضات مستقبلية. وقد أبرزت تقارير إعلامية، بما فيها ما نشره موقع ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة، أن هذا القرار قد يسبب توترات داخل حكومة نتنياهو.[5]
تحليل الدوافع: هل هي صفقة تبادل وشيكة؟
يطرح هذا التطور السؤال الأهم: لماذا الآن؟ هناك عدة سيناريوهات محتملة يمكن أن تفسر دوافع إسرائيل وحماس.
- بادرة بناء ثقة: قد تكون إسرائيل، بضغط من الوسطاء، قد وافقت على تسليم الرفات كخطوة أولية لإظهار جديتها في التوصل إلى اتفاق أوسع.
- مطلب أساسي لحماس: من المحتمل أن حماس وضعت تسليم الرفات كشرط مسبق لا يمكن التفاوض عليه قبل الدخول في تفاصيل صفقة أكبر تشمل الأسرى الأحياء.
- مقابل غير معلن: قد تكون حماس قد حصلت على مقابل لم يتم الإعلان عنه، مثل تسهيلات اقتصادية لقطاع غزة، أو الإفراج عن عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين (من النساء أو القصر).
- حسابات سياسية داخلية: قد يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق إنجاز إنساني يخفف من حدة الضغوط الداخلية التي يواجهها في ملفات أخرى.
تحليل شخصي: نرى أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو مزيج بين الثاني والثالث. من المستبعد أن تكون حماس قد وافقت على تسليم ورقة مهمة مثل رفات غولدن دون أي مقابل. الأرجح أن هناك تفاهمات تمت بوساطة مصرية وقطرية، تتضمن تسهيلات إنسانية واقتصادية ملموسة لغزة، مع اعتبار هذه الخطوة شرطا ضروريا للانتقال إلى المرحلة التالية من المفاوضات حول صفقة تبادل شاملة. [4]
في الختام، يمثل تسليم رفات هدار غولدن حدثا فارقا قد يكسر الجمود الذي خيم على ملف تبادل الأسرى لسنوات. ورغم أن الطريق نحو صفقة شاملة لا يزال طويلا ومليئا بالعقبات السياسية والأمنية، إلا أن هذه الخطوة تفتح نافذة من الأمل وتؤكد أن القنوات الدبلوماسية غير المباشرة لا تزال تعمل. ستكون الأسابيع والأشهر القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه الخطوة ستظل معزولة، أم أنها ستصبح بالفعل حجر الأساس لإنهاء معاناة عائلات الأسرى على كلا الجانبين. يبقى مصير صفقة التبادل معلقا بإرادة سياسية معقدة وحسابات دقيقة لدى كل من إسرائيل وحماس.
















