تم النسخ!
قانون الإيجار القديم: ضوابط جديدة تحرم فئات من السكن البديل
أشعلت التعديلات الجديدة على قانون الإيجار القديم موجة واسعة من الجدل والقلق في الشارع المصري، خاصة بعد الكشف عن فئات محددة من المستأجرين سيتم حرمانها من الحق في الحصول على وحدات سكنية بديلة من الدولة بعد انتهاء عقودهم. هذه الخطوة، التي تهدف بحسب لجنة الإسكان بمجلس النواب إلى توجيه الدعم لمستحقيه الفعليين من محدودي ومتوسطي الدخل، أثارت صدمة لدى الكثيرين الذين كانوا يعولون على توفير بديل لهم. من واقع متابعتنا لهذا الملف الشائك، يتضح أن المشرع يحاول إيجاد صيغة توازن صعبة بين حقوق المالك في استعادة ملكه وحق المستأجر غير القادر في الحصول على مأوى.
تحليل شخصي: نرى أن هذه الضوابط هي محاولة ضرورية ولكنها مؤلمة لمعالجة تشوه استمر لعقود في سوق العقارات المصري. الإيجار القديم خلق واقعا غير عادل للملاك، وفي نفس الوقت شكل شبكة أمان اجتماعي لملايين الأسر. إن حرمان فئات "قادرة" من الدعم هو خطوة منطقية من الناحية الاقتصادية لتخفيف العبء عن الدولة، لكن التحدي الأكبر سيظل في آليات التطبيق وتحديد من هو "القادر" فعليا بشكل عادل وشفاف، لتجنب وقوع ظلم جديد.[1]
![]() |
| القانون الجديد يهدف لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل أكثر عدالة |
من هم المحرومون من الوحدات البديلة؟
حدد القانون المعدل بشكل واضح ودقيق عدة فئات سيتم استثناؤها من الحصول على سكن بديل توفره الدولة، وذلك بناء على معايير تتعلق بالملاءة المالية والملكية العقارية. الهدف من ذلك هو ضمان وصول الدعم لمن يستحقه فقط، وعدم تحميل ميزانية الدولة أعباء إضافية.
الفئات المستثناة تشمل:
- من يمتلكون عقارات أخرى: أي مستأجر يثبت امتلاكه لوحدة سكنية أو عقار آخر صالح للسكن، سواء داخل نفس المحافظة أو خارجها.
- أصحاب القدرة المالية: المستأجرون الذين يملكون القدرة المالية على شراء أو استئجار وحدة سكنية في السوق الحر، وسيتم تحديد ذلك بناء على معايير ستضعها اللائحة التنفيذية.
- من يتجاوز دخلهم الحد الأقصى: الأفراد أو الأسر التي يتجاوز مجموع دخلها الشهري أو السنوي الحد الأعلى الذي تحدده الدولة كشرط للاستفادة من برامج الإسكان الاجتماعي.
وقد أثارت هذه الضوابط جدلا واسعا، وهو ما تناولته تقارير صحفية عديدة، من بينها ما نشره موقع ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة، الذي أشار إلى مخاوف البعض من صعوبة إثبات أو نفي هذه الشروط في الواقع العملي.[5]
فلسفة التشريع: توجيه الدعم وإنهاء التشوهات
أكدت لجنة الإسكان بمجلس النواب، المسؤولة عن صياغة القانون، أن الهدف الأساسي من هذه الضوابط ليس حرمان المستأجرين، بل تنظيم العلاقة الإيجارية بشكل عادل وإنهاء التشوهات التي استمرت لعقود طويلة.[2]
وهذا يشبه إلى حد كبير فلسفة إعادة هيكلة الدعم التي تتبعها الدولة في قطاعات أخرى مثل الطاقة والسلع التموينية. الفكرة المركزية هي الانتقال من الدعم الشامل الذي يستفيد منه الغني والفقير، إلى الدعم الموجه الذي يذهب مباشرة إلى الفئات الأكثر احتياجا، مما يزيد من كفاءة الإنفاق العام ويضمن العدالة الاجتماعية.[3]
ويرى المشرعون أن تحميل الدولة عبء توفير سكن بديل لمواطن يمتلك بالفعل عقارا آخر أو لديه القدرة على تدبير سكن خاص، هو إهدار لموارد كان من الممكن توجيهها لمحدودي الدخل الذين لا يملكون أي بديل آخر.
| الهدف من الضوابط | التأثير المتوقع |
|---|---|
| توجيه الدعم لمستحقيه | استفادة الفئات الأولى بالرعاية (محدودي ومتوسطي الدخل) |
| تخفيف العبء عن الدولة | تقليل الإنفاق على توفير وحدات بديلة لغير المستحقين |
| تحقيق العدالة بين المالك والمستأجر | تمكين المالك من استعادة عقاره من المستأجر القادر |
المخاوف والتحديات المستقبلية
على الرغم من الأهداف المنطقية للقانون، تظل هناك مخاوف حقيقية وتحديات تواجه تطبيقه على أرض الواقع.
- تحدي الإثبات: كيف سيتم التحقق بشكل دقيق من القدرة المالية للمستأجر أو ملكيته لعقارات أخرى، خاصة في ظل وجود اقتصاد غير رسمي كبير؟
- الطعون القضائية: من المتوقع أن تشهد المحاكم آلاف القضايا والطعون من المستأجرين الذين سيتم استثناؤهم، مما قد يؤدي إلى إطالة أمد النزاعات.
- الأثر الاجتماعي: هناك قلق من أن يؤدي التطبيق الفوري لهذه الضوابط إلى زيادة الضغط على سوق الإيجارات الجديد وربما يؤثر على استقرار بعض الأسر التي قد تجد نفسها فجأة دون مأوى.
تحليل شخصي: نرى أن نجاح هذا القانون سيعتمد بشكل كلي على اللائحة التنفيذية التي ستصدر لتوضيح آليات التطبيق. يجب أن تكون هذه الآليات واضحة، قابلة للتنفيذ، وتضمن حق الدفاع والتقاضي للجميع. بدون ذلك، قد يتحول القانون من أداة لتحقيق العدالة إلى مصدر جديد للمشاكل الاجتماعية والنزاعات القضائية التي لا تنتهي.[4]
في الختام، يمثل تعديل قانون الإيجار القديم خطوة جريئة ومحفوفة بالمخاطر، تحاول بها الدولة المصرية حسم واحد من أكثر الملفات الاجتماعية والاقتصادية تعقيدا. وبينما تضع الضوابط الجديدة حدا لاستفادة غير المستحقين من دعم الدولة، فإنها تضع آلاف الأسر أمام واقع جديد يتطلب منهم إعادة ترتيب أوضاعهم. المستقبل القريب سيُظهر ما إذا كانت هذه التعديلات ستحقق بالفعل العدالة المنشودة أم أنها ستفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الجدل والمعاناة.
















