تم النسخ!
مصير حكومة مدبولي بعد برلمان 2025: تغيير أم استمرارية؟
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المصرية لعام 2025، تتجه الأنظار نحو مستقبل الحكومة الحالية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، التي تعد الأطول عمرا في تاريخ مصر الحديث. ويطرح المشهد السياسي سؤالا محوريا: هل ستؤدي الانتخابات الجديدة، وما يتبعها من إجراءات دستورية، إلى تغيير شامل في رئاسة الوزراء، أم أن اعتبارات الاستقرار السياسي والاقتصادي ستفرض استمرارية الحكومة الحالية؟ هذا الجدل ليس مجرد تكهنات سياسية، بل هو انعكاس لتقييم مرحلة مليئة بالتحديات والإنجازات. وبصفتنا متابعين للشأن العام المصري، فإن فهم الديناميكيات الدستورية والسياسية يعد مفتاحا لقراءة المستقبل.
تحليل شخصي: نرى أن القرار النهائي بشأن مستقبل حكومة مدبولي لن يتوقف فقط على التقاليد الدستورية أو نتائج الانتخابات البرلمانية، بل سيرتبط بشكل أساسي بتقييم القيادة السياسية العليا لمدى قدرة الحكومة على مواصلة التعامل مع الملفات الاقتصادية الشائكة. في ظل الظروف الإقليمية والدولية المعقدة، قد تكون كفة الاستقرار هي الأرجح، مع إمكانية إجراء تعديل وزاري واسع لتجديد الدماء بدلا من تغيير رئيس الحكومة.[1]
![]() |
| البرلمان الجديد يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل حكومة مدبولي |
العرف الدستوري وتشكيل الحكومات في مصر
ينص الدستور المصري على أن يقدم رئيس مجلس الوزراء استقالة الحكومة لرئيس الجمهورية عقب بدء الفصل التشريعي الجديد لمجلس النواب. هذا الإجراء، وإن كان بروتوكوليا، يمنح رئيس الجمهورية الفرصة لإعادة تقييم الأداء الحكومي وتكليف من يراه مناسبا لتشكيل حكومة جديدة، أو إعادة تكليف رئيس الوزراء المستقيل.[2]
يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء، الذي يقوم بدوره باختيار أعضاء حكومته وعرض برنامجها على مجلس النواب للحصول على ثقة أغلبية أعضائه خلال ثلاثين يوما على الأكثر. هذا المسار الدستوري يضع البرلمان الجديد في قلب عملية تشكيل الحكومة، على الأقل من الناحية النظرية، ويجعل من استقالة الحكومة الحالية خطوة لا مفر منها بعد إعلان نتائج الانتخابات.
تقييم أداء حكومة مدبولي: إنجازات وتحديات
تولت حكومة مصطفى مدبولي المسؤولية في عام 2018، وواجهت منذ ذلك الحين تحديات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، بدءا من استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي، مرورا بجائحة كورونا، وصولا إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والأزمات الإقليمية.
| المجال | أبرز الإنجازات | أبرز التحديات |
|---|---|---|
| الاقتصاد | تحقيق استقرار نسبي في سعر الصرف، جذب استثمارات أجنبية مباشرة (صفقة رأس الحكمة) | ارتفاع معدلات التضخم، زيادة الدين العام، الضغط على الطبقة المتوسطة |
| البنية التحتية | تنفيذ شبكة واسعة من المشروعات القومية (طرق، كباري، مدن جديدة، العاصمة الإدارية) | جدوى بعض المشروعات الاقتصادية، عبء تمويلها على الموازنة العامة |
| الحماية الاجتماعية | توسيع مظلة برنامج "تكافل وكرامة"، إطلاق مبادرات مثل "حياة كريمة" لتطوير الريف | عدم كفاية برامج الحماية لمواجهة موجات الغلاء، تآكل الدخول الحقيقية |
وهذا يشبه إلى حد كبير ما واجهته حكومات سابقة في فترات التحول الاقتصادي، حيث يكون هناك سباق بين وتيرة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وقدرة المواطن على تحمل التبعات الاجتماعية قصيرة الأجل. التحدي الدائم هو كيفية تحقيق التوازن بين أهداف الإصلاح الكلية والحفاظ على شبكة أمان اجتماعي فعالة.[3]
سيناريوهات المستقبل: البقاء، التغيير، أم تعديل وزاري؟
بناء على المعطيات الحالية، يمكن طرح ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمستقبل الحكومة بعد انتخابات 2025، وهو ما تغطيه بوابات إخبارية متنوعة مثل ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة في تحليلاتها السياسية.[5]
- سيناريو الاستمرارية: يتمثل في إعادة تكليف الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل الحكومة الجديدة. يرتكز هذا السيناريو على الرغبة في الحفاظ على استمرارية السياسات الاقتصادية واستكمال المشروعات القومية الكبرى، خاصة في ظل تمتعه بثقة القيادة السياسية.
- سيناريو التغيير الشامل: يتضمن تكليف شخصية جديدة (تكنوقراط أو اقتصادية) بتشكيل حكومة تضخ دماء جديدة وتأتي برؤية مختلفة للتعامل مع التحديات، خاصة الاقتصادية. قد يكون هذا الخيار واردا في حال رأت القيادة السياسية حاجة لرسالة تغيير موجهة للرأي العام.
- سيناريو التعديل الوزاري الواسع: وهو حل وسط، حيث يتم الإبقاء على الدكتور مدبولي في منصبه، مع إجراء تعديل وزاري كبير يشمل الوزارات الخدمية والاقتصادية الرئيسية. يهدف هذا السيناريو إلى تحسين الأداء في قطاعات محددة دون المخاطرة بتغيير استقرار رأس السلطة التنفيذية.[4]
تحليل شخصي معمق
ونرى أن السيناريو الثالث (الاستمرارية مع تعديل وزاري) هو الأكثر واقعية ومنطقية في السياق الحالي. الدكتور مدبولي، بصفته مهندسا معماريا في الأساس، أثبت قدرة فائقة على إدارة ملف المشروعات القومية ومتابعة تنفيذها، وهو ملف يحظى بأولوية قصوى لدى الدولة. ومع ذلك، هناك شعور عام بوجود حاجة ماسة لتحسين أداء المجموعة الاقتصادية والخدمية لمواجهة تحديات التضخم ورفع مستوى معيشة المواطنين. لذلك، قد يكون الجمع بين خبرة مدبولي في إدارة الجهاز الحكومي وضخ وجوه جديدة ذات خبرة اقتصادية وخدمية هو المعادلة المثلى للمرحلة القادمة.
في الختام، يظل مصير حكومة مدبولي مرتبطا بتقييم شامل للأداء من قبل القيادة السياسية، وبطبيعة التحديات التي ستواجه مصر في السنوات القادمة. ورغم أن الإجراءات الدستورية ستأخذ مجراها بعد انعقاد برلمان 2025، إلا أن القرار النهائي سيتجاوز الشكليات ليركز على المصلحة العليا للدولة المصرية ومتطلبات المرحلة. سواء استمرت حكومة مدبولي أم تغيرت، فإن الملف الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين سيظل التحدي الأكبر على طاولتها.
















