تم النسخ!
كيف ستدمر إسرائيل أنفاق حماس؟ معركة تحت الأرض تهدد البشر
في قلب الصراع الدائر في قطاع غزة، يبرز ملف أنفاق حماس كأحد أكثر القضايا تعقيدا وشراسة على الساحة العسكرية العالمية. هذه الشبكة المترامية الأطراف تحت الأرض لا تمثل فقط تحديا تكتيكيا للقوات الإسرائيلية، بل تشكل أيضا معضلة استراتيجية وإنسانية كبرى بسبب تداخلها العميق مع النسيج المدني فوق الأرض. مؤخرا، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن تعليمات صارمة بتدمير جميع هذه الأنفاق بشكل كامل، معتبرا أن "القضاء على شبكة الأنفاق يعني عمليا إنهاء وجود حركة حماس".[1] هذا التصريح يعكس الأهمية القصوى التي توليها إسرائيل لهذه المعركة، التي انتقلت من كونها مجرد عمليات هامشية إلى محور أساسي في استراتيجيتها العسكرية في القطاع. من واقع خبرتنا في متابعة الشؤون العسكرية في الشرق الأوسط، يمكن القول إن حرب الأنفاق ليست مجرد مواجهة بالأسلحة، بل هي صراع إرادات وذكاء وهندسة، حيث كل طرف يسعى لاستغلال البيئة لصالحه.
تحليل شخصي: نرى أن التركيز الإسرائيلي المكثف على تدمير الأنفاق يمثل تحولا في العقيدة العسكرية. فبعد أن كانت الأنفاق تعتبر تهديدا حدوديا بشكل أساسي، أصبحت الآن تُعامل كبنية تحتية سيادية للعدو يجب القضاء عليها بالكامل. هذا التحول يعني أن المعركة لن تكون قصيرة أو سهلة، بل ستتطلب موارد هائلة وتقنيات متطورة وصبرا استراتيجيا، مع قبول حقيقة أن كل عملية تحت الأرض تحمل في طياتها مخاطر جمة للقوات المنفذة وللمدنيين على السواء.
![]() |
| شبكة أنفاق حماس تمثل تحديا عسكريا وإنسانيا كبيرا في غزة |
تعقيدات "مترو غزة": تصميم وتحديات
تواجه إسرائيل تحديات هائلة في معركتها ضد شبكة الأنفاق التي تمتد لعشرات، وربما مئات، الكيلومترات تحت مدن ومخيمات قطاع غزة المكتظة بالسكان. هذه الأنفاق، التي يطلق عليها الجيش الإسرائيلي أحيانا اسم "مترو غزة"، ليست مجرد ممرات بدائية، بل هي بنية تحتية عسكرية متكاملة تتميز بتعقيدات هندسية كبيرة.[2]
تتضمن هذه التعقيدات:
- العمق المتفاوت: تتراوح أعماق الأنفاق بشكل كبير، مما يجعل استهدافها من الجو أمرا صعبا وغير دقيق في كثير من الأحيان.
- التصميم المتشعب: الأنفاق ليست خطوطا مستقيمة، بل شبكة معقدة من الممرات المتقاطعة وغرف العمليات ومخازن الأسلحة، مع وجود أفخاخ متفجرة ومداخل ومخارج متعددة ومموهة.
- الاستخدام المزدوج: تستخدم حركة حماس هذه الشبكة لتنفيذ هجمات ضد القوات الإسرائيلية، وللتنقل، وتخزين العتاد، وربما لاحتجاز رهائن، مما يجعل كل نفق هدفا عسكريا عالي القيمة ومحفوفا بالمخاطر.
- الدرع البشري: يقع العديد من مداخل الأنفاق داخل أو بالقرب من مبان سكنية ومدارس ومستشفيات، مما يعقد أي عملية عسكرية ويزيد من خطر وقوع ضحايا مدنيين.
| التحدي | الوصف | التأثير على العمليات |
|---|---|---|
| الكشف والاستخبارات | صعوبة تحديد مواقع جميع أجزاء الشبكة بدقة. | يتطلب جهدا استخباراتيا وتقنيا هائلا ومستمرا. |
| الوصول والتدمير | الحاجة لأسلحة متخصصة وقوات مدربة على القتال تحت الأرض. | عمليات بطيئة ومحفوفة بالمخاطر، مع احتمالية عالية للخسائر. |
| الأثر الجانبي | خطر انهيار الأنفاق على المباني المدنية فوقها. | ضغوط دولية ومخاوف إنسانية تقيد حرية العمل العسكري. |
الاستراتيجيات الإسرائيلية: بين القوة والتكنولوجيا
لمواجهة هذا التحدي، يواصل الجيش الإسرائيلي تطوير وتطبيق مجموعة متنوعة من التقنيات والعمليات العسكرية المكثفة. هذه الاستراتيجية متعددة الأوجه وتعتمد على مزيج من القوة النارية والتكنولوجيا المتقدمة والعمليات البرية الدقيقة.
وهذا يشبه إلى حد كبير التحديات التي واجهتها القوات الأمريكية في فيتنام مع أنفاق "كوتشي"، ولكن على نطاق أكثر تعقيدا وفي بيئة حضرية شديدة الكثافة. التجربة التاريخية تظهر أن تدمير شبكات الأنفاق يتطلب أكثر من مجرد قصف، بل يستلزم سيطرة فعلية على الأرض فوقها وتحتها، وهو ما تحاول إسرائيل تحقيقه الآن في غزة.[3]
من بين الأساليب المتبعة:
- القنابل الخارقة للتحصينات: استخدام قنابل موجهة قادرة على اختراق طبقات الأرض والخرسانة للوصول إلى الأنفاق العميقة وتدميرها.
- الروبوتات والمستشعرات: إرسال روبوتات صغيرة وطائرات بدون طيار مجهزة بكاميرات ومستشعرات لرسم خرائط للأنفاق وتحديد مواقع المقاتلين أو الأفخاخ قبل دخول القوات.
- وحدات النخبة الهندسية: الاعتماد على وحدات خاصة مثل "يهلوم"، المتخصصة في حرب الأنفاق، والتي تمتلك معدات وتقنيات متطورة للتعامل مع هذه البيئة القتالية الخطرة.
- إغراق الأنفاق: تشير تقارير إلى أن إسرائيل تدرس خيار إغراق الأنفاق بمياه البحر، وهي استراتيجية تحمل جدلا كبيرا بسبب آثارها البيئية المحتملة على المياه الجوفية في غزة.
وقد أشارت تقارير إعلامية مختلفة، ومن ضمنها ما ورد في ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة، إلى أن هذه الحرب الفريدة تُعتبر من أصعب الحروب الحديثة بسبب العمليات الحربية المعقدة تحت الأرض والسيطرة التي تفرضها حركة حماس على هذه الشبكات.[5]
المعضلة الإنسانية والقانونية
إن أكبر تحد يواجه إسرائيل في هذه المعركة ليس عسكريا فحسب، بل هو إنساني وقانوني. إن تدمير نفق يقع تحت منطقة سكنية يمكن أن يؤدي إلى انهيارات أرضية ودمار هائل للمباني فوقه، مما يعرض حياة آلاف المدنيين للخطر. هذا الواقع يضع الجيش الإسرائيلي تحت ضغط دولي هائل للالتزام بقوانين الحرب وتجنب الأضرار الجانبية.
تحليل شخصي: نرى أن هذه المعضلة هي جوهر الصراع الحالي. فبينما تؤكد إسرائيل على حقها في الدفاع عن النفس وتدمير ما تعتبره بنية تحتية إرهابية، يرى المجتمع الدولي أن الوسائل المستخدمة يجب أن تكون متناسبة وأن حماية المدنيين هي الأولوية القصوى. إيجاد التوازن بين هذين المطلبين المتعارضين في كثير من الأحيان هو الاختبار الحقيقي الذي سيحدد شرعية ومآلات هذه الحرب الطويلة والمعقدة.[4]
في الختام، معركة تدمير أنفاق حماس هي حرب متعددة الأبعاد تتجاوز المواجهة العسكرية التقليدية. إنها صراع تكنولوجي وهندسي واستخباراتي، وفي الوقت نفسه، هي أزمة إنسانية تلقي بظلالها على مستقبل قطاع غزة بأكمله. وبينما تمضي إسرائيل قدما في خطتها للقضاء على هذه الشبكة التحت أرضية، يبقى السؤال الأكبر معلقا: بأي ثمن؟ إن الإجابة على هذا السؤال ستشكل ليس فقط نتيجة هذا الصراع، بل أيضا وجه المنطقة لسنوات قادمة. إن حرب الأنفاق في غزة هي بالفعل معركة تهدد البشر، فوق الأرض وتحتها.
المصادر
- - سكاي نيوز عربية - كيف ستدمر إسرائيل أنفاق حماس؟.. معركة تحت الأرض تهدد البشر
- - العرب مباشر - وزير الدفاع الإسرائيلي: القضاء على أنفاق حماس يعني القضاء على الحركة
- - بي بي سي - إسرائيل تعلن تدمير مئات المواقع تحت الأرض في غزة
- - اندبندنت عربية - كيف تسيطر إسرائيل على أنفاق حماس؟
- - ربخا نيوز تايم الإخبارية - بوابة إعلامية شاملة
















