تم النسخ!
صدمة الإيجار القديم: زيادة جديدة بالإيجارات اعتبارا من ديسمبر
في حكم تاريخي ينهي عقودا طويلة من الجمود والنزاع، قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي، بزيادة جديدة في القيمة الإيجارية للوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم. ويأتي هذا القرار، الذي سيبدأ تطبيقه اعتبارا من أول ديسمبر المقبل، كصدمة كبيرة لملايين المستأجرين الذين اعتادوا على استقرار شبه تام في قيمة الإيجار لعقود. الحكم انتصر لأصحاب العقارات، حيث قضى بعدم دستورية المواد التي كانت تجمد القيمة الإيجارية وتفرض الامتداد التلقائي للعقود، واضعا بذلك معايير جديدة تهدف إلى إعادة التوازن للعلاقة بين المالك والمستأجر. من واقع خبرتنا في تحليل التشريعات ذات الأثر المجتمعي الواسع، فإن هذا الحكم يمثل واحدا من أهم القرارات القضائية في تاريخ مصر الحديث.
تحليل شخصي: نرى أن قرار المحكمة الدستورية، رغم وقعه الصادم على المستأجرين، هو بمثابة "جراحة ضرورية" لعلاج مرض مزمن أصاب سوق العقارات المصري بالشلل. فالقيم الإيجارية المتدنية بشكل غير واقعي لم تكن مجرد ظلم للمالك، بل كانت سببا رئيسيا في تدهور الثروة العقارية وإحجام الملاك عن صيانتها. هذا الحكم يعيد للعقار قيمته كأصل استثماري، ويضع حجر الأساس لسوق إيجارات أكثر صحة وعدالة على المدى البعيد، وإن كانت المرحلة الانتقالية ستكون صعبة.
![]() |
| المحكمة الدستورية تقر زيادة جديدة في الإيجارات القديمة تطبق من ديسمبر |
حكم تاريخي بعدم الدستورية
جاء الحكم تتويجا لمعركة قضائية طويلة خاضها الملاك، حيث قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وهما المادتان اللتان شكلتا حجر الزاوية في تجميد العلاقة الإيجارية.[1]
لماذا تم اعتبارهما غير دستوريتين؟
- تجميد القيمة الإيجارية: كانت هذه المواد تمنع المالك من زيادة الإيجار ليتناسب مع التغيرات الاقتصادية الهائلة التي طرأت على مدار أكثر من 40 عاما، مما أفرغ حق الملكية من مضمونه الاقتصادي.
- الامتداد التلقائي (الأبدي): كانت تفرض على المالك استمرار العلاقة الإيجارية مع المستأجر ومن يليه من ورثته إلى أجل غير مسمى، مما حول الإيجار إلى ما يشبه الملكية، وهو ما يخالف طبيعة عقد الإيجار المؤقتة.
بإلغاء دستورية هاتين المادتين، فتحت المحكمة الباب أمام الدولة (السلطة التشريعية) لوضع منظومة جديدة تماما تحدد قيمة الإيجار بشكل عادل وتضع نهاية للامتداد التلقائي للعقود.
وهذا يشبه القرارات الاقتصادية الكبرى المتعلقة بتحرير سعر الصرف. فكما أن تثبيت سعر العملة بشكل مصطنع يؤدي إلى تشوهات في السوق، فإن تثبيت سعر الإيجار لعقود طويلة أدى إلى تشوه مماثل في سوق العقارات، وكان لا بد من قرار حاسم لتحريره وإعادته إلى آليات العرض والطلب الحقيقية.
تفاصيل الزيادة الجديدة وآلية التطبيق
أقر الحكم تطبيقا فوريا للزيادة، مع مراعاة البعد الاجتماعي من خلال التدرج في القيمة المستحقة على المستأجرين، والتي ستبدأ اعتبارا من أول شهر ديسمبر المقبل.[2]
| العنصر | التفاصيل |
|---|---|
| تاريخ البدء | 1 ديسمبر 2025. |
| آلية الزيادة | وضع معايير جديدة لزيادة القيمة بشكل سنوي (سيتم تحديدها بتشريع لاحق)، بدلا من التجميد الكامل. |
| الامتداد التلقائي | إلغاء الامتداد التلقائي للعقود، مما يعني أن العقد سيصبح محدد المدة، وبعدها يحق للمالك إخلاء الوحدة أو توقيع عقد جديد بقيمة سوقية.[3] |
وكما تشير التغطيات الإعلامية الواسعة، ومن بينها ما أورده موقع ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة، فإن هذا القرار يمثل لحظة فارقة في تاريخ التشريعات العقارية المصرية.[5]
ردود الفعل المتوقعة والتحديات القادمة
من الطبيعي أن يثير مثل هذا القرار ردود فعل متباينة. فبينما يحتفل الملاك باسترداد حقوقهم، يشعر المستأجرون، خاصة من كبار السن وذوي الدخل المحدود، بقلق بالغ على مستقبلهم السكني.
التحديات الرئيسية التي تواجه تطبيق القرار:
- البعد الاجتماعي: كيفية التعامل مع الحالات الإنسانية غير القادرة على تحمل الزيادة الجديدة أو إيجاد سكن بديل.
- التشريع المكمل: سرعة إصدار مجلس النواب للقانون الجديد الذي سينظم آلية الزيادة السنوية ومدة العقود الجديدة لمنع حدوث فوضى في السوق.[4]
- ضبط السوق: منع الممارسات الاحتكارية أو الزيادات المبالغ فيها من قبل الملاك بعد تحرير العلاقة الإيجارية.
ونرى أن دور الدولة الآن حاسم أكثر من أي وقت مضى. يجب أن يصاحب هذا القرار القضائي حزمة من الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية، مثل التوسع في برامج الإسكان الاجتماعي، وتقديم دعم نقدي مؤقت للفئات الأكثر تضررا، لتمرير هذه المرحلة الانتقالية الصعبة بأقل قدر من الأضرار الاجتماعية.
في الختام، أسدلت المحكمة الدستورية العليا الستار على حقبة طويلة من الظلم القانوني والاقتصادي المتمثل في قانون الإيجار القديم. قرارها ببدء تطبيق زيادة جديدة من ديسمبر هو بداية مرحلة جديدة كليا لسوق العقارات في مصر. ورغم أن هذه البداية ستكون محفوفة بالتحديات والصدمات للبعض، إلا أنها تفتح الطريق نحو مستقبل تكون فيه العلاقة بين المالك والمستأجر قائمة على العدل والتوازن، ويعود فيه العقار المصري ليأخذ مكانته كقاطرة حقيقية للتنمية.
















