تم النسخ!
الكدمات: الأسباب، التشخيص، الأعراض، الوقاية، العلاج
الكدمات، أو ما يعرف طبيا بالورم الدموي (Hematoma)، هي من أكثر الإصابات الجلدية شيوعا التي يواجهها الجميع تقريبا في مرحلة ما من حياتهم. تنشأ هذه العلامات الملونة على الجلد عندما تتعرض الأوعية الدموية الدقيقة (الشعيرات الدموية) القريبة من السطح لإصابة أو ضربة، مما يؤدي إلى تمزقها وتسرب الدم إلى الأنسجة المحيطة. هذا الدم المحتبس تحت الجلد هو ما يسبب التغير اللوني المميز الذي نراه. من خلال سنوات من الممارسة الطبية، أستطيع أن أؤكد أن فهم طبيعة الكدمات وكيفية التعامل معها بشكل صحيح يمكن أن يسرع من عملية الشفاء ويخفف من الأعراض المزعجة المصاحبة لها، والأهم من ذلك، يساعد في تمييز الكدمة البسيطة عن تلك التي قد تكون مؤشرا لمشكلة صحية أعمق.
تحليل شخصي: نرى أن اعتياد الناس على رؤية الكدمات يجعلهم في كثير من الأحيان يستهينون بها. فبينما تكون معظم الكدمات غير ضارة وتشفى من تلقاء نفسها، فإنها في جوهرها إصابة تتطلب عناية. إن تجاهل الإسعافات الأولية البسيطة مثل وضع الثلج، أو القلق المفرط من كدمة بسيطة، كلاهما يعكس نقصا في الوعي الصحي. الهدف هو الوصول إلى منطقة وسطى: التعامل مع الكدمات العادية بفعالية، ومعرفة متى يجب طلب المشورة الطبية.
⚠️ إخلاء مسؤولية طبية: هذا المحتوى ذو طبيعة توعوية ولا يشكل استشارة طبية احترافية ولا يغني بأي حال من الأحوال عن الاستشارة الطبية المهنية. يشدد بشكل قاطع على ضرورة استشارة الطبيب المعتمد قبل أي إجراء علاجي، لضمان التقييم الدقيق والمناسب لحالتك الفردية وسلامتك.
![]() |
| الكدمات تنتج عن تسرب الدم من الأوعية الدموية المتضررة تحت الجلد |
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل أسباب ظهور الكدمات، وكيفية تشخيصها، والأعراض التي تصاحبها، بالإضافة إلى أفضل طرق العلاج والوقاية المتاحة لضمان شفاء سريع وآمن.
الأسباب وعوامل الخطر التي تزيد من ظهور الكدمات
السبب المباشر للكدمة هو دائما إصابة جسدية تؤدي إلى تمزق الشعيرات الدموية، ولكن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالكدمات.
- الإصابات المباشرة: مثل السقوط، الاصطدام بجسم صلب، أو الإصابات الرياضية. هذه هي الأسباب الأكثر شيوعا.
- التقدم في العمر: مع التقدم في العمر، يصبح الجلد أرق ويفقد بعضا من طبقته الدهنية الواقية. كما تضعف جدران الأوعية الدموية، مما يجعلها أكثر عرضة للتمزق بسهولة حتى مع الإصابات الطفيفة.
- الأدوية: بعض الأدوية تؤثر على قدرة الدم على التجلط أو تضعف الأوعية الدموية، مما يزيد من سهولة ظهور الكدمات. تشمل هذه الأدوية مميعات الدم (مثل الأسبرين والوارفارين)، وبعض مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، وكذلك الكورتيكوستيرويدات الموضعية أو الجهازية.
- الحالات الطبية: بعض الأمراض يمكن أن تسبب كدمات بسهولة، مثل اضطرابات النزيف (الهيموفيليا)، أمراض الكبد، ونقص بعض الفيتامينات مثل فيتامين C وفيتامين K.
- التعرض المفرط للشمس: يمكن أن يؤدي تلف الجلد الناتج عن أشعة الشمس إلى إضعاف جدران الأوعية الدموية، مما يسهل ظهور الكدمات.
وهذا يشبه الفرق بين ورقة جديدة وقوية وورقة قديمة أصبحت هشة ورقيقة. الورقة الجديدة يمكن أن تتحمل الكثير من الضغط قبل أن تتمزق، بينما الورقة القديمة قد تتمزق من أقل لمسة. وبالمثل، جلد الشخص الشاب وأوعيته الدموية أكثر مرونة ومقاومة، بينما جلد كبار السن يكون أكثر هشاشة وعرضة للكدمات.
الأعراض ودورة حياة الكدمة (تغيرات اللون)
تتغير أعراض ومظهر الكدمة بمرور الوقت مع قيام الجسم بعملية امتصاص الدم المتسرب. فهم هذه المراحل يساعد على تقدير عمر الكدمة ومتابعة عملية الشفاء الطبيعية للجسم.
تشمل الأعراض الرئيسية ودورة حياة الكدمة ما يلي:
- الأعراض الأولية (فور الإصابة): يشعر الشخص بألم موضعي وقد يلاحظ تورما خفيفا في المنطقة المصابة. يكون الجلد في البداية محمرا بسبب تجمع الدم الطازج الغني بالأكسجين.
- المرحلة الأولى (1-2 أيام): يتحول لون الكدمة إلى الأزرق أو الأرجواني الداكن. هذا اللون ناتج عن فقدان الدم المحتبس للأكسجين وبدء تحلل الهيموجلوبين.
- المرحلة الثانية (5-10 أيام): يبدأ الجسم في تفكيك الهيموجلوبين بشكل أكبر. يؤدي هذا إلى تغير لون الكدمة إلى الأخضر (بسبب تكون مركب البيلفيردين) ثم الأصفر (بسبب تكون مركب البيليروبين).
- المرحلة النهائية (10-14 يوما): يستمر الجسم في امتصاص الدم المتبقي، ويبدأ لون الكدمة في التلاشي تدريجيا إلى البني الفاتح ثم يختفي تماما مع عودة الجلد إلى لونه الطبيعي.
قد يستغرق الشفاء الكامل للكدمة حوالي أسبوعين، ولكن هذه الفترة يمكن أن تختلف اعتمادا على شدة الإصابة، حجم الكدمة، وموقعها في الجسم.
تشخيص الكدمات ومتى يجب القلق؟
في معظم الحالات، يكون تشخيص الكدمة بسيطا ويعتمد على الفحص البدني للمنطقة المصابة ومراجعة تاريخ الإصابة. الطبيب سيقوم بتقييم حجم الكدمة، لونها، ومدى الألم والتورم المصاحب لها.
ومع ذلك، هناك بعض الحالات التي قد تتطلب فحوصات إضافية وتستدعي القلق ومراجعة الطبيب فورا:
- الكدمات الشديدة والمؤلمة: إذا كانت الكدمة مصحوبة بألم شديد لا يطاق وتورم كبير بعد إصابة قوية، قد يحتاج الطبيب لطلب أشعة سينية (X-ray) لاستبعاد وجود كسر في العظام.
- ظهور كدمات دون سبب واضح: إذا لاحظت ظهور كدمات بشكل متكرر أو بسهولة دون التعرض لإصابات، خاصة في أماكن غير معتادة مثل الظهر أو الجذع، قد يكون ذلك علامة على حالة طبية كامنة تتطلب فحص دم.
- الكدمات التي لا تشفى: إذا لم تبدأ الكدمة في التحسن أو تغير لونها بعد أسبوعين، أو استمر الألم والتورم، فمن الضروري استشارة الطبيب.
- علامات العدوى: إذا أصبحت منطقة الكدمة حمراء جدا، ساخنة، ومؤلمة عند اللمس، أو بدأ يخرج منها صديد، فقد تكون قد أصيبت بعدوى بكتيرية.
التشخيص الدقيق مهم لضمان عدم وجود إصابات أعمق مثل النزيف الداخلي أو الكسور التي قد تتطلب علاجا مختلفا وأكثر تخصصا.
العلاج الفعال والوقاية من الكدمات
يهدف علاج الكدمات البسيطة إلى تسريع عملية الشفاء وتخفيف الأعراض. تعتمد الإجراءات بشكل كبير على الرعاية المنزلية البسيطة والفعالة.
إن التوعية بالسلامة العامة والوقاية من الإصابات المنزلية والرياضية أمر حيوي، وهو ما تسلط عليه الضوء بوابات إعلامية شاملة مثل ربخا نيوز تايم الإخبارية | بوابة إعلامية شاملة، التي تساهم في نشر المعرفة حول كيفية تجنب مثل هذه الحوادث الشائعة.
في الختام، الكدمات هي إصابات شائعة وغير خطيرة في معظم الأحيان، وهي جزء طبيعي من عملية استجابة الجسم للإصابة. من خلال فهم مراحلها وتطبيق العلاجات المنزلية البسيطة مثل استخدام الثلج والراحة، يمكنك التحكم في الأعراض بشكل فعال. ومع ذلك، من المهم دائما الانتباه إلى العلامات التحذيرية التي قد تشير إلى إصابة أكثر خطورة واللجوء إلى الاستشارة الطبية عند الحاجة لضمان سلامتك وصحتك.
















